في حتة جوايا، لسه عايشة
طفلة صغيرة بعنيها الواسعة، دايمًا بتسأل، ودايمًا بتندهش.
مكنتش بتجري ورا اللعب بس
كانت بتجري ورا حاجة محدش شايفها.
كان جواها نداء… مش مفهوم،
بس واضح
زي لمعة خفيفة في آخر سطر في كتاب قديم.
الناس كانت شايفة إني ساكتة زيادة
بس أنا كنت بسمع.
بسمع حاجات ملهاش صوت.
بسمع ارتجافة الهوا وهو بيعدّي من بين شقوق الشباك،
بسمع الأرض وهي بتتنفس بعد المطر،
بسمع نبض قلبي لما حد بيبصلي بنية طيبة.
الطفلة اللي جوايا
ماكنتش عايزة تبقى زي الكل.
كانت بتسأل:
ليه الدنيا بتمشي كده؟
ليه في حاجات مش بتتقال؟
وليه في نور بيعدي حوالينا ومحدش بيحسه غيري؟
فاكرة أول مرة وقفت لوحدي قدام السما
كنت صغيرة جدًا،
بس قلبي كان واسع،
وسألتها بصوت مش مسموع:
“هو في إيه؟ وإنتي عايزة تقوليلي إيه؟”
ومن ساعتها
السما بقت ترد عليا.
مش بكلام
لكن بإشارات، بلحظات، بنظرات من ناس عاديين
كانوا بيقولولي من غير ما يعرفوا:
“إنتِ مش لوحدك… والنور اللي جواكي، مش صدفة.”
كبرت…
والدنيا حاولت تغيّرني،
تحطني في قوالب،
تقولي “اعملي كده، عشان كده الصح”،
“امشي كده، عشان كده النجاح”…
بس الطفلة اللي جوايا،
كانت واقفة، هادية،
بتبصلي بعنيها اللي لسه فيها صدق البداية،
وبتقولّي:
“صافي… ما تسيبينيش.
إوعي تنسي أول مرة سمعتي صوت النور.”
وفي آخر كل لحظة فيها روحي بتفتكر الطفلة اللي جوايا،
بهمس جوايا وقول:
“يا رب، خليني أسمعك دايمًا زي أول مرة…
من غير كلام،
من غير خوف،
بنفس القلب اللي لسه بيصدق النور.”
error: Content is protected !!